(دُعَاءُ
الرَّسُولِ لِهَوَازِنَ):
ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
حِينَ انْصَرَفَ عَنْ الطَّائِفِ عَلَى دَحْنَا [٣] حَتَّى نَزَلَ الْجِعْرَانَةَ
فِيمَنْ مَعَهُ مِنْ النَّاسِ، وَمَعَهُ مِنْ هَوَازِنَ سَبْيٌ كَثِيرٌ وَقَدْ
قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَوْمَ ظَعَنَ عَنْ ثَقِيفٍ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، اُدْعُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اللَّهمّ اهْدِ ثَقِيفًا
وَأْتِ بِهِمْ.
(مَنُّ
الرَّسُولِ عَلَى هَوَازِنَ):
ثُمَّ أَتَاهُ وَفْدُ هَوَازِنَ
بِالْجِعْرَانَةِ، وَكَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ سَبْيِ هَوَازِنَ سِتَّةُ
آلَافٍ مِنْ الذَّرَارِيِّ وَالنِّسَاءِ، وَمِنْ الْإِبِلِ وَالشَّاءِ مَا لَا
يُدْرَى مَا عِدَّتُهُ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي
عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو:
أَنَّ وَفْدَ هَوَازِنَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَقَدْ أَسْلَمُوا، فَقَالُوا:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّا أَصْلٌ
وَعَشِيرَةٌ، وَقَدْ أَصَابَنَا مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ،
فَامْنُنْ عَلَيْنَا، مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ. قَالَ: وَقَامَ رَجُلٌ مِنْ
هَوَازِنَ، ثُمَّ أَحَدُ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، يُقَالُ لَهُ زُهَيْرٌ، يُكْنَى
أَبَا صُرَدٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّمَا فِي الْحَظَائِرِ [٤]
عَمَّاتُكَ
[()] وَسُكُون الدَّال) الْخَيل تجْعَل
أرجلها فِي مَوَاضِع أيديها إِذا مشت، الْوَاحِد: أقدر. ويروى: «فدر» بِضَم
الْفَاء وَالدَّال، وَهِي الوعول المسنة، وَاحِدهَا: فادر.
[١]
السابغة: الدرْع الْكَامِلَة. والنهى: الغدير من المَاء. والمترقرق: المتحرك.
[٢]
جدل: جمع جدلاء، وَهِي الدرْع الجيدة النسج. وَآل محرق: يعْنى آل عَمْرو بن هِنْد
ملك الْحيرَة.
[٣]
دحنا (بِالْفَتْح، ويروى مَقْصُورا وممدودا): من مخاليف الطَّائِف.
[٤]
الحظائر: جمع حَظِيرَة، وَهِي الذرب الّذي يصنع لِلْإِبِلِ وَالْغنم ليكفها،
وَكَانَ السَّبي فِي حظائر مثلهَا.
وَخَالَاتُكَ وَحَوَاضِنُكَ [١]
اللَّاتِي كُنَّ يَكْفُلْنَكَ، وَلَوْ أَنَّا مَلَحْنَا [٢] لِلْحَارِثِ بْنِ
أَبِي شِمْرٍ، أَوْ لِلنُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، ثُمَّ نَزَلَ مِنَّا بِمِثْلِ
الَّذِي نَزَلْتُ بِهِ، رَجَوْنَا عَطْفَهُ وَعَائِدَتَهُ [٣] عَلَيْنَا، وَأَنْتَ
خَيْرُ الْمَكْفُولِينَ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُرْوَى
وَلَوْ أَنَّا مَالَحْنَا الْحَارِثَ بْنَ أَبِي شِمْرٍ، أَوْ النُّعْمَانَ ابْن
الْمُنْذِرِ.
قَالَ ابْن إِسْحَاق: فَحَدثني
عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو،
قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَبْنَاؤُكُمْ وَنِسَاؤُكُمْ أَحَبُّ إلَيْكُمْ
أَمْ أَمْوَالُكُمْ؟ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، خَيَّرْتَنَا بَيْنَ
أَمْوَالِنَا وَأَحْسَابِنَا، بَلْ تَرُدُّ إلَيْنَا نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا،
فَهُوَ أَحَبُّ إلَيْنَا، فَقَالَ لَهُمْ: أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ، وَإِذَا مَا أَنَا صَلَّيْتُ الظُّهْرَ بِالنَّاسِ،
فَقُومُوا فَقُولُوا: إنَّا نَسْتَشْفِعُ بِرَسُولِ اللَّهِ إلَى الْمُسْلِمِينَ،
وَبِالْمُسْلِمِينَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ فِي أَبْنَائِنَا وَنِسَائِنَا،
فَسَأُعْطِيكُمْ عِنْدَ ذَلِكَ، وَأَسْأَلُ لَكُمْ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ بِالنَّاسِ الظُّهْرَ، قَامُوا فَتَكَلَّمُوا بِاَلَّذِي أَمَرَهُمْ
بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: وَأَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ. فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: وَمَا كَانَ لَنَا فَهُوَ
لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَقَالَتْ الْأَنْصَارُ: وَمَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ
اللَّهِ ﷺ.
فَقَالَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ:
أَمَّا أَنَا وَبَنُو تَمِيمٍ فَلَا. وَقَالَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ: أَمَا أَنَا
وَبَنُو فَزَارَةَ فَلَا. وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ: أَمَّا أَنَا وَبَنُو
سُلَيْمٍ فَلَا. فَقَالَتْ بَنُو سُلَيْمٍ:
بَلَى، مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ
لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
قَالَ: يَقُولُ عَبَّاسُ بْنُ
مِرْدَاسٍ لِبَنِي سُلَيْمٍ: وَهَّنْتُمُونِي [٤] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
أَمَّا مَنْ تَمَسَّكَ مِنْكُمْ بِحَقِّهِ مِنْ هَذَا السَّبْيِ
[١] حواضنك: يعْنى اللَّاتِي أرضعن النَّبِي
ﷺ، وَقد كَانَت حاضنته من بنى سعد بن بكر، من هوَازن، وَكَانَت ظِئْرًا لَهُ.
[٢]
ملحنا: أرضعنا. وَالْملح: الرَّضَاع. والْحَارث بن أَبى شمر الغساني ملك الشَّام
من الْعَرَب والنعمان بن الْمُنْذر ملك الْعرَاق من الْعَرَب.
[٣]
عائدته: فَضله.
[٤]
وهنتموني: أضعفتمونى.
فَلَهُ بِكُلِّ إنْسَانٍ سِتُّ
فَرَائِضَ، مِنْ أَوَّلِ سَبْيٍ أُصِيبُهُ، فَرَدُّوا إلَى النَّاسِ أَبْنَاءَهُمْ
وَنِسَاءَهُمْ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي أَبُو وَجْزَةَ يَزِيدُ بْنُ
عُبَيْدٍ السَّعْدِيُّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَعْطَى عَلِيَّ بْنَ أَبِي
طَالِبٍ رضي الله عنه جَارِيَةً، يُقَالُ لَهَا رَيْطَةُ بِنْتُ هِلَالِ بْنِ
حَيَّانَ بْنِ عُمَيْرَةَ بْنِ هِلَالِ بْنِ نَاصِرَةَ بْنِ قُصَيَّةَ [١] بْنِ
نَصْرِ ابْن سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، وَأَعْطَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ جَارِيَةً،
يُقَالُ لَهَا زَيْنَبُ بِنْتُ حَيَّانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَيَّانَ، وَأَعْطَى
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَارِيَةً، فَوَهَبَهَا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
ابْنِهِ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي
نَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ،
قَالَ: بَعَثْتُ بِهَا إلَى أَخْوَالِي مِنْ بَنِي جُمَحٍ، لِيُصْلِحُوا لِي
مِنْهَا، وَيُهَيِّئُوهَا، حَتَّى أَطُوفَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ آتِيَهُمْ، وَأَنَا
أُرِيدُ أَنْ أُصِيبَهَا إذَا رَجَعْتُ إلَيْهَا. قَالَ: فَخَرَجْتُ مِنْ
الْمَسْجِدِ حِينَ فَرَغْتُ، فَإِذَا النَّاسُ يَشْتَدُّونَ، فَقُلْتُ: مَا
شَأْنُكُمْ؟ قَالُوا: رَدَّ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ نِسَاءَنَا
وَأَبْنَاءَنَا، فَقُلْتُ: تِلْكُمْ صَاحِبَتُكُمْ فِي بَنِي جُمَحٍ، فَاذْهَبُوا
فَخُذُوهَا، فَذَهَبُوا إلَيْهَا، فَأَخَذُوهَا.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأَمَّا
عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ، فَأَخَذَ عَجُوزًا مِنْ عَجَائِزِ هَوَازِنَ، وَقَالَ
حِينَ أَخَذَهَا: أَرَى عَجُوزًا إنِّي لَأَحْسِبُ لَهَا فِي الْحَيِّ نَسَبًا،
وَعَسَى أَنْ يَعْظُمَ فِدَاؤُهَا. فَلَمَّا رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ السَّبَايَا
بِسِتِّ فَرَائِضَ، أَبَى أَنْ يَرُدَّهَا، فَقَالَ لَهُ زُهَيْرٌ أَبُو صُرَدٍ:
خُذْهَا عَنْك، فو الله مَا فُوهَا بِبَارِدِ، وَلَا ثَدْيُهَا بِنَاهِدِ، وَلَا
بَطْنُهَا بِوَالِدِ، وَلَا زَوْجُهَا بِوَاجِدِ [٢]، وَلَا دَرُّهَا بِمَاكِدِ
[٣] . فَرَدَّهَا بِسِتِّ فَرَائِضَ حِينَ قَالَ لَهُ زُهَيْرٌ مَا قَالَ،
فَزَعَمُوا أَنَّ عُيَيْنَةَ لَقِيَ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، فَشَكَا إلَيْهِ
ذَلِكَ، فَقَالَ: إنَّكَ وَاَللَّهِ مَا أَخَذْتهَا بَيْضَاءَ غَرِيرَةً [٤]،
وَلَا نَصَفًا وَثِيرَةً [٥] .
[١] قصية: يرْوى بِفَتْح الْقَاف وَضمّهَا،
وَرَوَاهُ ابْن دُرَيْد بفاء مَضْمُومَة. (رَاجع شرح أبي ذَر)
.
[٢]
بواجد: أَي بحزين، يُرِيد أَن زَوجهَا لَا يحزن عَلَيْهَا، لِأَنَّهَا عَجُوز.
[٣]
الدّرّ: اللَّبن. والماكد: الغزير.
[٤]
الغريرة: المتوسطة فِي السن من النِّسَاء.
[٥]
الوثيرة من النِّسَاء: السمينة اللينة.
(إسْلَامُ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ
النَّصْرِيِّ):
وَقَالَ رَسُولُ الله ﷺ لوفد هوَازن،
وَسَأَلَهُمْ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ مَا فَعَلَ؟ فَقَالُوا: هُوَ بِالطَّائِفِ
مَعَ ثَقِيفٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
أَخْبِرُوا مَالِكًا أَنَّهُ إنْ
أَتَانِي مُسْلِمًا رَدَدْتُ عَلَيْهِ أَهْلَهُ وَمَاله، وأعطيته مائَة مِنْ
الْإِبِلِ، فَأَتَى مَالِكٌ بِذَلِكَ، فَخَرَجَ إلَيْهِ مِنْ الطَّائِفِ. وَقَدْ
كَانَ مَالِكٌ خَافَ ثَقِيفًا عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ قَالَ لَهُ مَا قَالَ، فَيَحْبِسُوهُ، فَأَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ
فَهُيِّئَتْ لَهُ، وَأَمَرَ بِفَرَسِ لَهُ، فَأُتِيَ بِهِ إلَى الطَّائِفِ،
فَخَرَجَ لَيْلًا، فَجَلَسَ عَلَى فَرَسِهِ، فَرَكَضَهُ حَتَّى أَتَى رَاحِلَتَهُ
حَيْثُ أَمَرَ بِهَا أَنْ تُحْبَسَ، فَرَكِبَهَا، فَلَحِقَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ،
فَأَدْرَكَهُ بِالْجِعْرَانَةِ أَوْ بِمَكَّةَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ أَهْلَهُ
وَمَاله، وَأَعْطَاهُ مائَة مِنْ الْإِبِلِ، وَأَسْلَمَ فَحَسُنَ إسْلَامُهُ،
فَقَالَ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ حِينَ أَسْلَمَ:
مَا إنْ رَأَيْتُ وَلَا سَمِعْتُ
بِمِثْلِهِ ... فِي النَّاسِ كُلِّهِمْ بِمِثْلِ مُحَمَّدِ
أَوْفَى وَأَعْطَى لِلْجَزِيلِ إذَا
اُجْتُدِيَ ... وَمَتَى تَشَأْ يُخْبِرْكَ عَمَّا فِي غَدِ
وَإِذَا الْكَتِيبَةُ عَرَّدَتْ
أَنْيَابُهَا ... بِالسَّمْهَرِيِّ وَضَرْبِ كُلِّ مُهَنَّدِ [١]
فَكَأَنَّهُ لَيْثٌ عَلَى
أَشْبَالِهِ ... وَسْطَ الْهَبَاءَةِ خَادِرٌ فِي مَرْصَدِ [٢]
فَاسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْ قَوْمِهِ، وَتِلْكَ الْقَبَائِلُ:
ثُمَالَةُ، وَسَلِمَةُ [٣]،
وَفَهْمٌ، فَكَانَ يُقَاتِلُ بِهِمْ ثَقِيفًا، لَا يَخْرُجُ لَهُمْ سَرْحٌ إلَّا
أَغَارَ عَلَيْهِ، حَتَّى ضَيَّقَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ أَبُو مِحْجَنِ [٤] بْنُ
حَبِيبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ الثَّقَفِي:
هَابَتْ الْأَعْدَاءُ جَانِبَنَا ...
ثُمَّ تَغْزُونَا بَنُو سَلِمَهْ
وَأَتَانَا مَالِكٌ بِهِمْ ...
نَاقِضًا لِلْعَهْدِ وَالْحُرْمَهْ
[١] عردت أنيابها: قويت واشتدت. والسمهري:
الرمْح. والمهند: السَّيْف.
[٢]
الهباءة: الْغُبَار يثور عِنْد اشتداد الْحَرْب. والخادر: الْأسد فِي عرينه،
وَهُوَ حِينَئِذٍ أَشد مَا يكون بَأْسا لخوفه على أشباله، يصفه بِالْقُوَّةِ.
والمرصد: الْمَكَان يرقب مِنْهُ، يصفه باليقظة.
[٣]
قَالَ السهيليّ: «هَكَذَا تقيد فِي النُّسْخَة (بِكَسْر اللَّام)، وَالْمَعْرُوف
فِي قبائل قيس سَلمَة (بِالْفَتْح) .
إِلَّا أَن يَكُونُوا من الأزد،
فَإِن ثمالة الْمَذْكُورين مَعَهم حَيّ من الأزد، وَفهم من دوس، وهم من الأزد
أَيْضا
[٤]
أَبُو محجن: اسْمه مَالك بن حبيب.
وَأَتَوْنَا فِي مَنَازِلِنَا ...
وَلَقَدْ كُنَّا أُولِي نَقِمَهْ
(قَسْمُ
الْفَيْءِ):
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَلَمَّا
فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ رَدِّ سَبَايَا حُنَيْنٍ إلَى أَهْلِهَا، رَكِبَ،
وَاتَّبَعَهُ النَّاسُ يَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اقْسمْ علينا فيئنا مِنْ
الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ، حَتَّى أَلْجَئُوهُ إلَى شَجَرَةٍ، فَاخْتَطَفَتْ عَنْهُ
رِدَاءَهُ، فَقَالَ: أَدُّوا عَلَيَّ رِدَائِي أيّها النّاس، فو الله أَنْ لَوْ
كَانَ لَكُمْ بِعَدَدِ شَجَرِ تِهَامَةَ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ عَلَيْكُمْ، ثُمَّ
مَا أَلْفَيْتُمُونِي بَخِيلًا وَلَا جَبَانًا وَلَا كَذَّابًا، ثُمَّ قَامَ إلَى
جَنْبِ بَعِيرٍ، فَأَخَذَ وَبَرَةً مِنْ سَنَامِهِ، فَجَعَلَهَا بَيْنَ
أُصْبُعَيْهِ، ثُمَّ رَفَعَهَا، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاس، وَالله مَا لي
مِنْ فَيْئِكُمْ وَلَا هَذِهِ الْوَبَرَةُ إلَّا الْخُمُسُ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ
عَلَيْكُمْ. فَأَدُّوا الْخِيَاطَ وَالْمِخْيَطَ [١]، فَإِنَّ الْغُلُولَ [٢]
يَكُونُ عَلَى أَهْلِهِ عَارًا وَنَارًا وَشَنَارًا [٣] يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ
الْأَنْصَارِ بِكُبَّةٍ مِنْ خُيُوطِ شَعَرٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ،
أَخَذْتُ هَذِهِ الْكُبَّةَ أَعْمَلُ بِهَا بَرْذَعَةَ بَعِيرٍ لِي دَبِرَ،
فَقَالَ: أَمَّا نَصِيبِي مِنْهَا فَلَكَ! قَالَ: أَمَّا إذْ بَلَغَتْ هَذَا فَلَا
حَاجَةَ لِي بِهَا، ثُمَّ طَرَحَهَا مِنْ يَدِهِ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَذَكَرَ
زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ دَخَلَ
يَوْمَ حُنَيْنٍ عَلَى امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ شَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ،
وَسَيْفُهُ مُتَلَطِّخٌ دَمًا، فَقَالَتْ: إنِّي قَدْ عَرَفْتُ أَنَّكَ قَدْ
قَاتَلْتُ، فَمَاذَا أَصَبْتُ مِنْ غَنَائِمِ الْمُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ:
دُونَكِ هَذِهِ الْإِبْرَةَ
تَخِيطِينَ بِهَا ثِيَابَكَ، فَدَفَعَهَا إلَيْهَا، فَسَمِعَ مُنَادِيَ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَلْيَرُدَّهُ، حَتَّى الْخِيَاطَ
وَالْمِخْيَطَ. فَرَجَعَ عَقِيلٌ، فَقَالَ: مَا أَرَى إبْرَتَكِ إلَّا قَدْ ذَهَبَتْ،
فَأَخَذَهَا، فَأَلْقَاهَا فِي الْغَنَائِمِ.
(عَطَاءُ
الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ):
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأَعْطَى
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ، وَكَانُوا أَشْرَافًا مِنْ
أَشْرَافِ النَّاسِ، يَتَأَلَّفُهُمْ وَيَتَأَلَّفُ بِهِمْ قَوْمَهُمْ، فَأَعْطَى
أَبَا سُفْيَانَ
[١] الْخياط (هُنَا): الْخَيط، والمخيط:
الإبرة.
[٢]
الْغلُول: الْخِيَانَة.
[٣]
الشنار: أقبح الْعَار.
ابْن حَرْب مائَة بَعِيرٍ، وَأَعْطَى
ابْنه مُعَاوِيَة مائَة بَعِيرٍ، وَأَعْطَى حَكِيمَ بن حزَام مائَة بَعِيرٍ،
وَأَعْطَى الْحَارِثَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ، أَخَا بَنِي عبد الدَّار
مائَة بَعِيرٍ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: نَصِيرُ [١]
بْنُ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونُ اسْمُهُ الْحَارِثَ
أَيْضًا.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأَعْطَى
الْحَارِثَ بن هِشَام مائَة بَعِيرٍ، وَأَعْطَى سُهَيْلَ بن عَمْرو مائَة بَعِيرٍ،
وَأَعْطَى حُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ أَبى قيس مائَة بَعِيرٍ،
وَأَعْطَى الْعَلَاءَ بْنَ جَارِيَةَ الثَّقَفِيَّ، حَلِيفَ بنى زهرَة مائَة
بَعِيرٍ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بن بدر مائَة بَعِيرٍ،
وَأَعْطَى الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِس التَّمِيمِي مائَة بَعِيرٍ. وَأَعْطَى مَالِكَ
ابْن عَوْف النّصرىّ مائَة بَعِيرٍ، وَأَعْطَى صَفْوَانَ بن أميّة مائَة بَعِيرٍ،
فَهَؤُلَاءِ أَصْحَابُ الْمِئِينَ وَأعْطى دون الْمِائَة رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ،
مِنْهُمْ مَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ الزُّهْرِيُّ، وَعُمَيْرُ ابْن وَهْبٍ
الْجُمَحِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمْرٍو أَخُو بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، لَا
أَحْفَظُ مَا أَعْطَاهُمْ، وَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّهَا دون الْمِائَة، وَأَعْطَى
سَعِيدَ بْنَ يَرْبُوع بن عنكشة بْنَ عَامِرِ بْنِ مَخْزُومٍ خَمْسِينَ مِنْ
الْإِبِلِ، وَأَعْطَى السَّهْمِيَّ خَمْسِينَ مِنْ الْإِبِلِ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَاسْمُهُ
عَدِيُّ بْنُ قَيْسٍ.
(شِعْرُ
ابْنِ مِرْدَاسٍ يَسْتَقِلُّ مَا أَخَذَ وَإِرْضَاءُ الرَّسُولِ لَهُ):
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأَعْطَى
عَبَّاسَ بْنَ مِرْدَاسٍ أَبَاعِرَ فَسَخِطَهَا، فَعَاتَبَ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ
ﷺ، فَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ يُعَاتِبُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ:
كَانَتْ نِهَابًا تَلَافَيْتُهَا ...
بِكَرِّي عَلَى الْمُهْرِ فِي الْأَجْرَعِ [٢]
وَإِيقَاظِي الْقَوْمَ أَنْ
يَرْقُدُوا ... إذَا هَجَعَ النَّاسُ لَمْ أَهْجَعْ [٣]
فَأَصْبَحَ نَهْبِي وَنَهْبُ
الْعَبِيدِ ... بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ [٤]
[١] كَذَا فِي أ. وَفِي سَائِر الْأُصُول:
«نضير» بالضاد الْمُعْجَمَة.
[٢]
نهابا: جمع نهب، وَهُوَ مَا ينهب ويغنم، يُرِيد الْمَاشِيَة وَالْإِبِل. والأجرع:
الْمَكَان السهل.
[٣]
هجع: نَام.
[٤]
العبيد: اسْم فرس عَبَّاس بن مرداس.
وَقَدْ كُنْتُ فِي الْحَرْبِ ذَا
تُدْرَإٍ ... فَلَمْ أُعْطَ شَيْئًا وَلَمْ أُمْنَعْ [١]
إلَّا أَفَائِلَ أُعْطِيتُهَا ...
عَدِيدَ قَوَائِمِهَا الْأَرْبَعِ [٢]
وَمَا كَانَ حِصْنٌ وَلَا حَابِسٌ
... يَفُوقَانِ شَيْخِي فِي الْمَجْمَعِ [٣]
وَمَا كُنْتُ دُونَ امْرِئِ
مِنْهُمَا ... وَمَنْ تَضَعْ الْيَوْمَ لَا يُرْفَعْ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَنْشَدَنِي
يُونُسُ النَّحْوِيُّ:
فَمَا كَانَ حِصْنٌ وَلَا حَابِسٌ
... يَفُوقَانِ مِرْدَاسَ فِي الْمَجْمَعِ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اذْهَبُوا بِهِ، فَاقْطَعُوا عَنِّي لِسَانَهُ، فَأَعْطَوْهُ
حَتَّى رَضِيَ، فَكَانَ ذَلِكَ قَطْعَ لِسَانِهِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّ
عَبَّاسَ بْنَ مِرْدَاسٍ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ
ﷺ: أَنْتَ الْقَائِلُ:
«فَأَصْبَحَ نَهْبِي وَنَهْبُ
الْعَبِيدِ ... بَيْنَ الْأَقْرَعِ وَعُيَيْنَةَ»؟
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ:
بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: هُمَا وَاحِدٌ،
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَشْهَدُ أَنَّكَ كَمَا قَالَ اللَّهُ: وَما عَلَّمْناهُ
الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ ٣٦: ٦٩.
(تَوْزِيعُ
غَنَائِمِ حُنَيْنٍ عَلَى الْمُبَايِعِينَ):
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَحَدَّثَنِي
مَنْ أَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي إسْنَادٍ لَهُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ،
فَأَعْطَاهُمْ يَوْمَ الْجِعْرَانَةِ مِنْ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ.
مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ
شَمْسٍ: أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَطَلِيقُ بْنُ سُفْيَانَ
ابْن أُمَيَّةَ، وَخَالِدُ بْنُ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ بْنِ أُمَيَّةَ.
[١] ذَا تدرأ: ذَا دفع عَن قومِي
[٢]
الأفائل: الصغار من الْإِبِل، الْوَاحِد أفيل.
[٣]
شَيْخي: يعْنى أَبَاهُ مرداسا. ويروى: «شَيْخي» بتَشْديد الْيَاء، يُرِيد أَبَاهُ
وجده. وروى:
«يَفُوقَانِ مرداس» واستشهدوا بِهِ
على ترك صرف مَا ينْصَرف لضَرُورَة الشّعْر.
وَمِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ
قُصَيٍّ: شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ابْن
عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ، وَأَبُو السَّنَابِلِ بْنِ بَعْكَكِ بْنِ
الْحَارِثِ بْنِ عُمَيْلَةَ بْنِ السَّبَّاقِ ابْن عَبْدِ الدَّارِ، وَعِكْرِمَةُ
بْنُ عَامِرِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ.
وَمِنْ بَنِي مَخْزُومِ بْنِ
يَقَظَةَ: زُهَيْرُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَالْحَارِثُ بْنُ
هِشَامِ ابْن الْمُغِيرَةِ، وَخَالِدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَهِشَامُ
بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَسُفْيَانُ ابْن عَبْدِ الْأَسَدِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، وَالسَّائِبُ بْنُ أَبِي السَّائِبِ
بْنِ عَائِذِ ابْن عَبْدِ الله بن عَمْرو بْنِ مَخْزُومٍ.
وَمِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ:
مُطِيعُ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ نَضْلَةَ، وَأَبُو جَهْمِ ابْن
حُذَيْفَةَ بْنِ غَانِمٍ.
وَمِنْ بَنِي جُمَحِ بْنِ عَمْرٍو:
صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَأُحَيْحَةُ بْنُ أُمَيَّةَ ابْن خَلَفٍ،
وَعُمَيْرُ بْنُ وَهْبِ بْنِ خَلَفٍ.
وَمِنْ بَنِي سَهْمٍ: عَدِيُّ بْنُ
قَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ.
وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ:
حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ أَبِي قَيْسِ بْنِ عَبْدِ وُدٍّ، وَهِشَامُ
بْنُ عَمْرِو بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حُبَيِّبٍ.
وَمِنْ أَفْنَاءِ الْقَبَائِلِ: مِنْ
بَنِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ: نَوْفَلُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ
عُرْوَةَ بْنِ صَخْرِ بْنِ رَزْنِ بْنِ يَعْمَرَ بْنِ نُفَاثَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ
الدِّيلِ.
وَمِنْ بَنِي قَيْسٍ، ثُمَّ مِنْ
بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، ثُمَّ مِنْ بَنِي كِلَابِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ
عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ: عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ الْأَحْوَصِ
بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ، وَلَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرِ
بْنِ كِلَابٍ.
وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ
رَبِيعَةَ: خَالِدُ بْنُ هَوْذَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ
رَبِيعَةَ ابْن عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ هَوْذَةَ بْنِ
رَبِيعَةَ بْنِ عَمْرٍو.
وَمِنْ بَنِي نَصْرِ بْنِ
مُعَاوِيَةَ: مَالِكُ بْنُ عَوْفِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ.
وَمِنْ بَنِي سُلَيْمِ بْنِ
مَنْصُورٍ: عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ: أَخُو بَنِي الْحَارِث
ابْن بهشة بْنِ سُلَيْمٍ.
وَمِنْ بَنِي غَطَفَانَ، ثُمَّ مِنْ
بَنِي فَزَارَةَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ.
وَمِنْ بَنِي تَمِيمٍ ثُمَّ مِنْ
بَنِي حَنْظَلَةَ: الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسِ بْنِ عِقَالٍ، مِنْ بَنِي مُجَاشِعِ
ابْن دَارِمِ.
(سُئِلَ
الرَّسُولُ عَنْ عَدَمِ إِعْطَائِهِ جُعَيْلًا فَأَجَابَ):
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ: أَنَّ قَائِلًا قَالَ
لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ أَصْحَابِهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطَيْتُ
عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ وَالْأَقْرَعَ بن حَابِس مائَة مائَة، وَتَرَكْتُ جُعَيْلَ
بْنَ سُرَاقَةَ الضَّمْرِيَّ [١] ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَمَا وَاَلَّذِي
نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَجُعَيْلُ بْنُ سُرَاقَةَ خَيْرٌ مِنْ طِلَاعِ
الْأَرْضِ [٢]، كُلُّهُمْ مِثْلُ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ وَالْأَقْرَعِ بْنِ
حَابِسٍ، وَلَكِنِّي تَأَلَّفْتهمَا لِيُسْلِمَا، وَوَكَلْتُ جُعَيْلَ بْنَ
سُرَاقَةَ إلَى إسْلَامِهِ.
(اعْتِرَاضُ
ذِي الْخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِيِّ):
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي
أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، عَنْ مِقْسَمِ أَبِي
الْقَاسِمِ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، قَالَ:
خَرَجْتُ أَنَا وَتَلِيدُ بْنُ كِلَابٍ اللَّيْثِيُّ، حَتَّى أَتَيْنَا عَبْدَ
اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، مُعَلِّقًا
نَعْلَهُ بِيَدِهِ، فَقُلْنَا لَهُ: هَلْ حَضَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حِينَ
كَلَّمَهُ التَّمِيمِيُّ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي
تَمِيمٍ، يُقَالُ لَهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُعْطِي
النَّاسَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قَدْ رَأَيْتُ مَا صَنَعْتَ فِي هَذَا
الْيَوْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَجَلْ، فَكَيْفَ رَأَيْتُ؟ فَقَالَ: لَمْ
أَرَكَ عَدَلْتُ، قَالَ:
فَغَضِبَ النَّبِيُّ ﷺ، ثُمَّ قَالَ:
وَيْحَكَ! إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَدْلُ عِنْدِي، فَعِنْدَ مَنْ يَكُونُ! فَقَالَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أَقْتُلُهُ؟ فَقَالَ لَا،
دَعْهُ فَإِنَّهُ سَيَكُونُ لَهُ شِيعَةٌ يَتَعَمَّقُونَ فِي الدِّينِ [٣] حَتَّى
يَخْرُجُوا مِنْهُ كَمَا يَخْرُجُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ [٤]
[١] قَالَ السهيليّ: «نسب ابْن إِسْحَاق
جعيلا إِلَى ضَمرَة، وَهُوَ مَعْدُود فِي غفار لِأَن غفارًا هم بَنو مليل ابْن
ضَمرَة» .
[٢]
طلاع الأَرْض: مَا يملؤها حَتَّى يطلع عَنْهَا ويسيل.
[٣]
يتعمقون فِي الدَّين: يتتبعون أقصاه.
[٤]
الرَّمية: الشَّيْء الّذي يرْمى.
يُنْظَرُ فِي النَّصْلِ [١]، فَلَا
يُوجَدُ شَيْءٌ، ثمَّ فِي الْقدح [٢]، فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ، ثُمَّ فِي الْفُوقِ
[٣]، فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ، سَبَقَ الْفَرْثَ [٤] وَالدَّمَ. قَالَ ابْنُ
إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَبُو جَعْفَرٍ
بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَسَمَّاهُ ذَا الْخُوَيْصِرَةِ.
(شِعْرُ
حَسَّانَ فِي حِرْمَانِ الْأَنْصَارِ):
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ أَبِيهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَلَمَّا
أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَا أَعْطَى فِي قُرَيْشٍ وَقَبَائِلِ الْعَرَبِ،
وَلَمْ يُعْطِ الْأَنْصَارَ شَيْئًا، قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يُعَاتِبُهُ فِي
ذَلِكَ:
زَادَتْ هُمُومٌ [٥] فَمَاءُ
الْعَيْنِ مُنْحَدِرُ ... سَحًّا إذَا حَفَلَتْهُ عَبْرَةٌ دَرِرُ [٦]
وَجْدًا بِشَمَّاءَ إذْ شَمَّاءُ
بَهْكَنَةٌ ... هَيْفَاءُ [٧] لَا دَنَسٌ [٨] فِيهَا وَلَا خَوَرُ [٩]
دَعْ عَنْكَ شَمَّاءَ إذْ كَانَتْ
مَوَدَّتُهَا ... نَزْرًا وَشَرُّ وِصَالِ الْوَاصِلِ النَّزِرُ [١٠]
وَأْتِ الرَّسُولَ فَقُلْ يَا خَيْرَ
مُؤْتَمَنٍ ... لِلْمُؤْمِنِينَ إذَا مَا عُدِّدَ [١١] الْبَشَرُ
عَلَامَ تُدْعَى سُلَيْمٌ وَهْي
نَازِحَةٌ ... قُدَّامَ [١٢] قَوْمٍ هُمْ آوَوْا وَهُمْ نَصَرُوا
سَمَّاهُمْ اللَّهُ أَنْصَارًا
بِنَصْرِهِمْ ... دِينَ الْهُدَى وَعَوَانُ الْحَرْبِ تَسْتَعِرُ [١٣]
[١] النصل: حَدِيد السهْم.
[٢]
الْقدح: السهْم.
[٣]
الفوق: طرف السهْم الّذي يُبَاشر الْوتر.
[٤]
الفرث: مَا يُوجد فِي الكرش.
[٥]
كَذَا فِي ديوَان حسان طبع أوربة. وَفِي أ: «زَاد الهموم» . وَجَاءَت محرفة فِي
سَائِر الْأُصُول.
[٦]
السح: الصب. وحفلته: جمعته. ودرر: دارة سَائِلَة.
[٧]
الوجد: الْحزن، وشماء: امْرَأَة. وبهكنة: كَثِيرَة اللَّحْم. وهيفاء: ضامرة الخصر.
[٨]
كَذَا فِي أوالديوان. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «ذنن» بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة.
قَالَ أَبُو ذَر: «من رَوَاهُ بِالدَّال الْمُهْملَة، فَمَعْنَاه تطامن بالصدر
وغئور، وَمن رَوَاهُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة، فَمَعْنَاه القذر، وَمِنْه الذنين،
وَهُوَ مَا يسيل من الْأنف» .
[٩]
الخور: الضعْف.
[١٠]
نزرا: قَلِيلا. والنزر: الْمقل، وَهُوَ على تَقْدِير مُضَاف.
[١١]
فِي الدِّيوَان: «عدل» .
[١٢]
فِي الدِّيوَان: «أَمَام» .
[١٣]
الْحَرْب الْعوَان: الَّتِي قوتل فِيهَا مرّة بعد مرّة. وتستعر: تشتعل وتشتد، ٣٢-
سيرة ابْن هِشَام- ٢
وَسَارَعُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
وَاعْتَرَفُوا ... لِلنَّائِبَاتِ وَمَا خَامُوا وَمَا ضَجِرُوا [١]
وَالنَّاسُ أَلْبٌ [٢] عَلَيْنَا
فِيكَ لَيْسَ لَنَا [٣] ... إلَّا السُّيُوفَ وَأَطْرَافَ الْقَنَا وَزَرُ [٤]
نُجَالِدُ النَّاسَ لَا نُبْقِي
عَلَى أَحَدٍ ... وَلَا نُضَيِّعُ مَا تُوحِي بِهِ السُّوَرُ [٥]
وَلَا تَهِرُّ جُنَاةُ الْحَرْبِ
نَادِيَنَا ... وَنَحْنُ حِينَ تَلَظَّى نَارُهَا سُعُرُ [٦]
كَمَا [٧] رَدَدْنَا بِبَدْرٍ دُونَ
مَا طَلَبُوا ... أَهْلَ النِّفَاقِ وَفِينَا يُنْزَلُ الظَّفَرُ
وَنَحْنُ جُنْدُكَ يَوْمَ النَّعْفِ
مِنْ أُحُدٍ ... إذْ حَزَّبَتْ [٨] بَطَرًا أَحْزَابَهَا [٩] مُضَرُ
فَمَا وَنِيّنَا وَمَا خِمْنَا وَمَا
خَبَرُوا ... مِنَّا عِثَارًا وَكُلُّ النَّاسِ قَدْ عَثَرُوا [١٠]
(وَجَدَ
الْأَنْصَارُ لِحِرْمَانِهِمْ فَاسْتَرْضَاهُمْ الرَّسُولُ):
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي
زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إسْحَاقَ: قَالَ:
وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ
بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،
قَالَ: لَمَّا أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَا أَعْطَى مِنْ تِلْكَ الْعَطَايَا،
فِي قُرَيْشٍ وَفِي قَبَائِلِ الْعَرَبِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْأَنْصَارِ مِنْهَا
شَيْءٌ، وَجَدَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِهِمْ، حَتَّى
كَثُرَتْ مِنْهُمْ الْقَالَةُ [١١] حَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ: لَقَدْ لَقِيَ
وَاَللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَوْمَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ،
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ هَذَا الْحَيَّ مِنْ الْأَنْصَارِ قَدْ
وَجَدُوا عَلَيْكَ فِي أَنْفُسِهِمْ، لِمَا صَنَعْتُ فِي هَذَا الْفَيْءِ
[١] اعْتَرَفُوا: صَبَرُوا وخاموا: جبنوا.
وَمَا ضجروا: مَا أَصَابَهُم حرج وَلَا ضيق.
[٢]
ألب: مجتمعون.
[٣]
فِي الدِّيوَان: «ثمَّ لَيْسَ لنا» .
[٤]
الْوزر: الملجأ.
[٥]
هَذَا الْبَيْت سَاقِط من الدِّيوَان.
[٦]
لَا تهر: لَا تكره. وجناة الْحَرْب: الَّذين يَخُوضُونَ غمارها. ونادينا:
مَجْلِسنَا. وسعر: نوقد الْحَرْب ونشعلها. وَرِوَايَة صدر هَذَا الْبَيْت فِي
الدِّيوَان: «
وَلَا يهر جناب الْحَرْب مَجْلِسنَا
» .
[٧]
فِي الدِّيوَان: «وَكم» .
[٨]
النعف: أَسْفَل الْجَبَل. وحزبت: جمعت.
[٩]
فِي الدِّيوَان: «أشياعها» .
[١٠]
ونينا: ضعفنا وفترنا. وخمنا: جبنا.
[١١]
القالة: الْكَلَام الرَّدِيء
الَّذِي أَصَبْتَ، قَسَمْتُ فِي
قَوْمِكَ، وَأَعْطَيْتُ عَطَايَا عِظَامًا فِي قَبَائِلِ الْعَرَبِ، وَلَمْ يَكُ
فِي هَذَا الْحَيِّ مِنْ الْأَنْصَارِ مِنْهَا شَيْءٌ. قَالَ: فَأَيْنَ أَنْتَ
مِنْ ذَلِكَ يَا سَعْدُ؟ قَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَنَا
إلَّا مِنْ قَوْمِي. قَالَ: فَاجْمَعْ لِي قَوْمَكَ فِي هَذِهِ الْحَظِيرَةِ [١] .
قَالَ:
فَخَرَجَ سَعْدٌ، فَجَمَعَ
الْأَنْصَارَ فِي تِلْكَ الْحَظِيرَةِ. قَالَ: فَجَاءَ رِجَالٌ مِنْ
الْمُهَاجِرِينَ فَتَرَكَهُمْ، فَدَخَلُوا، وَجَاءَ آخَرُونَ فَرَدَّهُمْ.
فَلَمَّا اجْتَمَعُوا لَهُ أَتَاهُ سَعْدٌ، فَقَالَ: قَدْ اجْتَمَعَ لَكَ هَذَا
الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَحَمِدَ اللَّهَ
وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ:
مَا قَالَةٌ بَلَغَتْنِي عَنْكُمْ، وَجِدَةٌ [٢] وَجَدْتُمُوهَا عَلَيَّ فِي
أَنْفُسِكُمْ؟ أَلَمْ آتِكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمْ اللَّهُ، وَعَالَةً [٣]
فَأَغْنَاكُمْ اللَّهُ، وَأَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ!
قَالُوا: بَلَى، اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ [٤] وَأَفْضَلُ. ثُمَّ قَالَ: أَلَا
تُجِيبُونَنِي يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَار؟ قَالُوا: بِمَاذَا نُجِيبُكَ يَا رَسُولَ
اللَّهِ؟ للَّه وَلِرَسُولِهِ الْمَنُّ وَالْفَضْلُ. قَالَ ﷺ: أَمَا وَاَللَّهِ
لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ، فَلَصَدَقْتُمْ وَلَصُدِّقْتُمْ: أَتَيْتَنَا
مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاكَ، وَمَخْذُولًا [٥] فَنَصَرْنَاكَ، وَطَرِيدًا
فَآوَيْنَاكَ، وَعَائِلًا فَآسَيْنَاكَ [٦] . أَوَجَدْتُمْ يَا مَعْشَرَ
الْأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِكُمْ فِي لُعَاعَةٍ [٧] مِنْ الدُّنْيَا تَأَلَّفْتُ
بِهَا قَوْمًا لِيُسْلِمُوا، وَوَكَلْتُكُمْ إلَى إسْلَامِكُمْ، أَلَا تَرْضَوْنَ
يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ،
وَتَرْجِعُوا بِرَسُولِ اللَّهِ إِلَى رحالكُمْ؟
فو الّذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ،
لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ
شِعْبًا [٨] وَسَلَكَتْ الْأَنْصَارُ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ.
اللَّهمّ ارْحَمْ الْأَنْصَارَ، وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ، وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ
الْأَنْصَارِ.
[١] الحظيرة: شبه الزريبة الَّتِي تصنع
لِلْإِبِلِ والماشية لتمنعها، وتكف عَنْهَا العوادي.
[٢]
كَذَا فِي الْأُصُول. قَالَ أَبُو ذَر: «الموجدة: العتاب، ويروى جدة، وَأكْثر مَا
تكون الحدة فِي المَال» .
[٣]
عَالَة: جمع عائل، وَهُوَ الْفَقِير.
[٤]
أَمن: من الْمِنَّة، وَهِي النِّعْمَة.
[٥]
المخذول: الْمَتْرُوك.
[٦]
آسيناك: أعطيناك حَتَّى جعلناك كأحدنا.
[٧]
اللعاعة: بقلة خضراء ناعمة، شبه بهَا زهرَة الدُّنْيَا وَنَعِيمهَا.
[٨]
الشّعب: الطَّرِيق بَين جبلين.
قَالَ: فَبَكَى الْقَوْمُ حَتَّى
أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ [١]، وَقَالُوا: رَضِينَا بِرَسُولِ اللَّهِ قَسْمًا
وَحَظًّا. ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَتَفَرَّقُوا.
 
.jpeg)
إرسال تعليق